هل سمعت عن الضابط الجديد الذي يعتمد في بداياته على أمين الشرطة لأنه -وإن كان أقل في الرتبة- يعرف المنطقة وطريقة التعامل المثلى فيها بشكل أفضل!

 

كارلوس كيروش مدير فني جيد، هكذا تتحدث عنه تجاربه السابقة، لكنه ما زال عاجز عن الوصول بالمنتخب للشكل المرغوب، فأين تكمن المشكلة؟ هذا ما سيحاول المقال الإجابة عنه

 

فكيروش هو الضابط الجديد الذي يفتقد إلى أمين الشرطة المخلص...

 

 

دفاعيًا يعتمد كارلوس كيروش على كتلة ضغط متوسطة - Medium Block حيث يمارس لاعبيه الضغط في التلت الأوسط من الملعب، وهي المنظومة التي نجحت بشكل كبير في كأس العرب، حيث كان المنتخب المصري أكتر المنتخبات فوزًا بالألتحامات الدفاعية بمعدل 54 التحام كل مباراة وبدقة 62%، حيث اجبر الخصوم في الكثير من الأوقات للجوء الكرات الطولية التي كانت من نصيب مدافعي المنتخب المصري.

 

 

في بطولة كأس أمم إفريقيا، تراجع خط دفاع المنتخب المصري بشكل غير مبرر في الكثير من الكرات متخليًا عن كتلة الفريق، وهو ما سبب ضعف لمنظومة الفريق في البطولة حيث استقبل المنتخب تصويبات من هجمات منظمة 14 مرة في دور المجموعات، وهو نفس العدد الذي استقبله المنتخب في بطولة كأس العرب بأكملها.

 

 

وهو ما يوضحه أيضًا متوسط تمركز لاعبي المنتخب المصري ضد قطر في آخر مباريات كأس العرب، وضد نيجيريا في اول مباريات كأس الأمم الإفريقية.

 

متوسط تمركز لاعبي المنتخب المصري ضد قطر- كأس العرب

 

 

 

إنضباط لاعبي المنتخب تحت الكرة ربما لم يكن يرضي رغبة الجمهور المصري المتعطش للأستحواذ على الكرة، والضغط العالي، وصناعة الخطورة في كل لحظة، لكن مع النظر لوضع المنتخب الحالي ومقارنته بالمنافسين، كان هذا الإنضباط مؤشر جيد في بطولة كأس العرب، ويفتقده المنتخب حاليًا في كأس الأمم.

 

 

هجوميًا في بطولة كأس الأمم وبرغم ارتفاع جودة عناصر المنتخب مقارنةً بعناصر بطولة كأس العرب إلا أن المنتخب كان عاجز عن بناء الهجمات المنظمة..

 

البطولة	المباريات	هجمات منظمة انتهت بتسديدة	هجمات مرتدة	نسبة الهجوم المنظم للهجوم المرتد
كأس العرب	6	63	96	40% لـ %60
كأس أمم إفريقيا	3	17	40	30% لـ 70%

 

 

أفكار كيروش نظريًا جيدة، نجح في تنفيذ البعض في بطولة كأس العرب -لم يلاقي استحسان كامل- وفشل في تنفيذ أغلبها في كأس الأمم، لكن العامل المشترك بين بعض نجاحات كاس العرب وأغلب أخطاء كأس الأمم، هي المشكلة الأكبر في عجز فكيروش عن فهم قدرات عناصر المنتخب، والأماكن المثالية لمشاركة كلًا منهم.

 

ثلاثية منتصف الميدان تحتاج إلى تنوع كبير، بين لاعب قادر على قطع الكرات والخروج بالكرة، لاعب قادر على صناعة الفرص والتمريرات المفتاحية، ولاعب قادر على الحركة بين الخطوط واستغلال المساحة خلف الأظهرة أو داخل منطقة الجزاء، وهنا تكمن مشكلة كيروش في عدم استيعاب أفضل اللاعبين القادرين على إعطاءه تلك الوظائف.

 

كيروش بإستبعاد طارق حامد فقد لاعب قادر قادر على القيام بالأدوار الدفاعية فيقطع الكرات وتعطيل الهجمات بكفاءه عالية مع المساهمة في عملية الاستلام والخروج بالكرة، وبإستبعاد افشه خسر اللاعب القادر على صناعة اللعب من منتصف الميدان بالتناوب مع عبد السعيد صاحب الـ 36 عام وهو ما يحد من أختيارات المنتخب بشكل كبير.

 

من أبرز تجليات عدم استيعاب كيروش لأمكانيات لاعبيه بشكل كامل الأعتماد على النني في مركز الإرتكاز المساند، رغم أن النني لا يمتلك الديناميكية في الحركة التي يمتلكها زيزو، ولا يمتلك القدرة العالية على صناعة الفرص التي يمتلكها عبدالله السعيد أو افشه وبدرجة أقل السولية، وهو ما تأكده المعدلات الخاصة به في التمريرات المفتاحية.

 

الموسم	تمريرات مفتاحية صحيحة - النني
موسم 21-22	1
موسم 20-21	4
موسم 19-20	7
موسم 18-19	8

 

 

ميزة النني الرئيسة تكمن في قدراته العالية على التسلم والتمرير تحت ضغط بجودة عالية، والتمرير إلى أقرب زميل في وضع مريح لأستقبال الكرة، والتقدم بها لكسر الضغط واستكمال عملية بناء الهجمة، وهي عملية مهمة يجيدها النني، وبالتالي تواجده في كلاعب إرتكاز في عمق خط وسط المنتخب قد يكون مفيد في تلك الحالة، لكنه لا يجيد أو يبدع في عداها.

 

 

المشكلة الآخر هي تشابه ثلاثي منتصف الملعب عبدالله السعيد والسولية والنني في ديناميكية الأداء، حيث أن الثلاثي لاعبين "Static" أو ثابتين، فمع الأختلاف في القدرات بين الثلاثي لكن لا يوجد بينهم من يمتلك القدرة على الحركة في المساحات وخلف الخطوط، وفي مساحات الجناح.

 

اللاعب المتحرك "Dynamic" مثل زيزو وتريزيجيه وبدرجة أقل إمام عاشور لا غنى عنه في ثلاثية خط وسط المنتخب، وهو عنصر غير ثابت الحضور في تشكيلات كيروش المختلفة.

 

يعاني المنتخب المصري في صناعة الفرص بشكل كبير، فبالنظر إلى أهم عناصر المنتخب في صناعة الفرص منذ بداية عام 2020 حتى الآن -بإستثناء كأس العرب- سنجد أن صلاح متسيد ترتيب صناعة الفرص للمنتخب.

 

اللاعب	تمريرات مفتاحية صحيحة	الأسيستات المتوقعة
محمد صلاح	8	2.5
زيزو	5	1.98
عبدالله السعيد	5	1.95
رمضان صبحي	5	1.23
افشه	4	1.17

 

فصلاح هو أعلى لاعبي المنتخب المصري جودة وقدرة على صناعة الفرص

 

رغم كون صلاح أحد أهم هدافي العالم وأخطر اللاعبين بالقرب من المرمى، لكن في حالة عدم دفع كيروش بعبدالله السعيد في المباريات البدنية الصعبة سيكون أمامه سؤال صعب، من يكون نقطة إرتكاز المنتخب وصانع الفرص الأول، هل يقوم صلاح بهذا الدور ويقلل من فاعليته على المرمى، أم يقترب صلاح من المرمى مع المخاطرة بإنخفاض جودة صناعة الفرص؟ سؤال ربما كان سيملك إجابات أفضل عليه في حالة استدعاء افشه وطارق حامد الذي يسمح للمدير الفني باختيار عناصر أعلى هجوميًا.

 

في النهاية كيروش يمتلك منظومة مع العديد من الأفكار المختلفة، البعض قد يتفق عليها والبعض قد يختلف، لكن العامل المشترك بين وجهتي النظر أن كيروش -الضابط الجديد- ما زال يختار عناصر منظومته بشكل خاطئ؛ لأنه لا يعرف عناصره بالشكل المثالي، وبالتالي مهما كانت جودة منظومته لن تنجح بالشكل المطلوب حتى يتم استخدام كل فرد فيها وفقًا للميزاته وإمكانياته الحقيقية؛ فكيروش يحتاج إلى أمين الشرطة المخلص في أقرب وقت، ليدله عن تلك التفاصيل البسيطة والفارقة عن لاعبيه قبل أن يفوته الوقت.