مرحبا بك ، جهز مشروبك المفضل و تعال معانا في رحلة جديدة بين الكلمات عبر مقال جديد عن أحد شباب نسور قرطاج .
" لقد كان أصغر منهم بسنة لكن يمكنني أن أقول على الفور إنه كان لاعبًا موهوبا جدا من الناحية الفكرية ولديه تقنية ممتازة ، متقدما على أقرانه بكثير ".
كان هذا حديث رضا بختي مدربه حين كان لاعبا في الفئات السنية لباريس ، حيث اكتشفه وهو يبلغ من العمر 8 سنوات في أحد الحدائق الرياضية بفرنسا ، يتحدث أنها كانت جلسة تدريب نموذجية وأن حنبعل حين تشاهده لن تقول أن هذا الفتى صاحب ثمانية سنوات ، عمل بختي مع الصبي لفترة فلاحظ أن هناك ما هو أكثر من مجرد موهبة .
يقول أنه كان لديه أخلاقيات العمل وعقلية النهم للعب كرة القدم ، هو يريد التحرك و لديه شخصية حقيقية ومتعطش للتعلم ، طفل فطن لكل النصائح التي نعطيها
" أثناء التدريب ، كان شخصا مجتهدا و منافسا شرسا . كان ينشد الكمال في كل شيء ، لقد أراد إتقان كل تدريب مهما كان معدل الوقت لكل جلسة ".
في الماضي كانت الأندية الكبيرة تطرق بابه لتطلب وده ومنهم ، أرسنال ، ليفربول ... لكن لم يكن أي منها مقنعا بدرجة كافية لحنبعل المجبري وحتى جاذبية المال التي من الممكن أن تغريه أو الهيبة التي تتجلى في إسم هذه الأندية العريقة لم تؤثر عليه .
في الحقيقة والده أراد أن يكون له طريق ملموس و خريطة حقيقية أكثر واقعية لمنح اللاعب في المستقبل سجل حافل بالنجاح .
اللاعب أراد الاستقرار في فرنسا خاصة مع سنه الصغير و استغل قدوم عرض من موناكو ليتم الاتفاق بين محيط اللاعب و النادي ، بعد عام من انضمامه إلى فريق شباب موناكو ، أراد المجبري المغادرة بسبب اشكال في صيغة العقد . برشلونة وباريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ وعدد من الأندية الإنجليزية كانوا بعد مهتمين و يترقبون عن بعد ...
في الأخير كان عرض مانشستر يونايتد هو الأفضل ، و بالنسبة لكرة القدم للشباب ، لا أحد يستطيع أن ينكر فضل أكاديمية مانشستر يونايتد على عديد اللاعبين النجوم ، لديهم جميع الفئات المختلفة من ال Busby Babes إلى فئة مواليد 92
كما أن لديهم عديد اللاعبين من إصدار مدارسهم السنية مثل لينغارد ، راشفورد ، غرينوود الذي يحملون مشعل الشباب في العصر الحالي .
كان يدرك صعوبة التحدي ، الإنتقال من حضن والديك وعائلتك نحو بلاد غريبة ليس بالأمر السهل .
لكن بعد عامين من بداية مشروعه في شمال إنجلترا رفقة الشياطين الحمر ، دفعت هذه الخطوة التي كانت في بدايتها خطيرة إلى أرباح ملموسة حتى الآن … في عام 2019 ، أعلن مانشستر يونايتد عن توقيع معه مقابل 5 ملايين يورو زائد الإضافات . صنع حنبعل اسما لنفسه في الفئات السنية وسرعان ما صعد في الرتب بسرعة و في عام 2021 ظهر المجبري لأول مرة مع فريقه الأول ضد ولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي ...
وضع حنبعل قدميه بثبات على أرض ملعب التدريبات بـ الكارينغتون بشكل إستثنائي ، تحولت نظرة الحضور نحوه تدريجيًا وخطف الأنظار مع لاعبين أكبر منه سنًا.
هذا النمو المتسارع للمراهق لا يفاجئ مدربه السابق ، رضا بهتي ، وهو يتوقع له مستقبلًا كبيرا
خلال ثمانية سنوات كاملة في نادي باريس علّمه فيها رضا البختي الأساسيات للعب كرة القدم ، ربما كثيرون يعتقدون أنه لاعب مغرور لكن مدربه يختلف معهم .
" إنه شخص واثق وقوي ، الناس الذين لم يعرفوه كانوا يعتقدون أنه متعجرف ، لكن العكس هو الصحيح ، إنه يحب المنافسة ، ويريد الفوز فقط ، هذه هي جاذبيته ".
يضيف مدربه السابق أنه يمكنه أن يصبح بول سكولز في المستقبل في مانشستر يونايتد " لديه كل الصفات في خط الوسط ليصبح قائدا حقيقيا ك سكولز ".
الحقيقة أن سكولز لاعب إستثنائي ، كان السير اليكس فيرغسون مدربًا يصنع جيلاً جديدا من الأطفال ، يربيهم على حب أوطانهم و الدفاع عن شعار الفريق ، كان يصنع بداخلهم المسؤولية ، أنت مطالب بالقتال لأجل فريقك و أصدقائك وتقديم نفسك لاجل الفوز .
هذا ما شاهدته في حنبعل ، رجل أظهر خلال البطولة انه اكبر من عمره ، انه قائد ، يحب بلاده ، يدافع عن الشعار و يبذل كل ما يملك لآخر دقيقة و يدافع عن زملائه حين تكون هناك مشاحنات ... لكن بطبيعة الحال هذا لا يكفي لتكون لاعبا كبيرا .
لنعود لسكولز مرّة أخرى ، كان له قدم ذهبية ، يرفع الكرة نحو أي منطقة يريد ومهما كانت المسافة بينه وبين من يستلم ستكون الكرة في المكان الصحيح ، الزمكان لديه كان مبهر و استثنائي .
في مانشستر يونايتد لحد اللحظة لا أحد كان قادر أن يؤدي دور سكولز الكامل أو حتى قدر اليونايتد طوال هذه السنوات أن ينتج لاعب نقدر أن نقول عنه أنه خليفة سكولز .
حنبعل لاعب عمره 18 سنة فقط ، نال شرف اللعب كأساسي أمام منتخبات قوية في القارة ونال مكانة أساسية وحب الجمهور و إستحسان الجميع وهذا أمر صعب في ذلك السن ، ما يعجبني فيه أنه متكون في فرق جعلت لمسته على الكرة مميزة ، تشعر أن تمريرته في المكان و الزمان المناسب ، جودة إخراج الكرة من قدمه ليست عملة محلية و نادرة في هذه البلاد .
حنبعل ليس لاعب مهاري بدرجة أولى ، لا يجيد الإختراق او المراوغة وليس جيد في وضعية واحد ضد واحد لكن يمكن توظيفه كلاعب إرتكاز أسفل الدائرة وحيد او الافضل بجانب لاعب ارتكاز ثاني
لاعب ارتكاز يجيد الحيازة و تنظيم اللعب عند الاستحواذ و غلق الفراغات عند خسارة الكرة و خلق زوايا تمرير إضافية ليجعل خيار التمرير لحامل الكرة أسهل .
يعتقد البعض أن لاعب الإرتكاز مهمته الأولى و الأخيرة قطع الكرات فقط ، هذا مفهوم تقليدي للعبة ، الإرتكاز هو أن يجمع بين تنظيم اللعبة و المقدرة الدفاعية و إذا تمكن من كلتى الحالتين سيكون قد وصل سريعا إلى مصاف صناعة الفارق ناديه ومنتخبه .
كل هذا يتطلب عامل مهم جدًا في الكرة الحديثة بل وأساسي ، على نفس الخط مع الذكاء و الموهبة وهو " القوة البدنية ".
يعتقد بختي أن المجبري بحاجة للتغلب على عقبة كبيرة قبل أن يكون مستعدا للمنافسة على القمة ، و أن السنوات القادمة ستكون مهمة لبناء بنية جسمانية تساعده على السيطرة و تحمل الضغط والتدخلات .
يقول " الدوري الإنجليزي الممتاز يتطلب الكثير من التحمل و إجبارية توفر القدرة البدنية ، لا يزال بإمكانه أن يكوّن المزيد من العضلات ، أعتقد أنه إذا تجاوز هذا التحدي ولم يتعرض لأي إصابات وحوله لإنجاز فسوف يفوز بثقة مدرب مانشستر يونايتد مهما كان إسم المدرب ، أنا متأكد من ذلك ".
بعد الإنتهاء من البطولة العربية الأخيرة تحدث اللاعب لموقع مانشستر يونايتد الرسمي " أعتقد أنني أمتلك المؤهلات اللازمة للعب في العديد من المراكز ".
" أنا فقط بحاجة إلى دراسة كل منهم للتأكد من أنني أفهمهم من الناحية التكتيكية ، ولا سيم بدون الكرة ، وبعد ذلك عندما أمتلك الكرة يجب أن ألعب مباراتي الخاصة و لا أشعر بأي ضغط ".
في الأخير ، لا أحد بإمكانه وضع النقاط على الحروف و التنبؤ بمسيرة اي لاعب و ما ستشهده السنيين القادمة من تطورات ، لذلك الأهم أن نأمل أولا في أن يكون اللاعب ثابتا ذهنيا من حيث شغفه المتجدد بأن يكون له اسم بارز مستقبلا و يبذل قصارى جهده ليتطور و الباقي الزمن وحده كفيل بإظهاره ..